مؤهَّلات إمام الجماعة
http://www.alghuraifi.org/n1236
هذه الكلمة للعلَّامة السَّيِّد عبد الله الغريفي، قد تمَّ بثُّها يوم السبت بتاريخ: (13 شعبان 1442 هـ – الموافق 27 مارس 2021 م)، وقد تمَّ تفريغها من تسجيل مرئيٍّ، وتنسيقها بما يتناسب وعرضها مكتوبةً للقارئ الكريم.
أعوذ بالله السَّميع العليم من الشَّيطان الغويِّ الرَّجيم
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وأفضلُ الصَّلوات على سيِّدِ الأنبياء والمرسلين سيِّدنا، ونبيِّنا، وحبيبنا، وقائدنا محمَّدٍ، وعلى آلِهِ الطَّيِّبين الطَّاهرين.
السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عنوان الكلمة: مؤهَّلات إمام الجماعة
مَن يتصدَّى لإمامة الجماعة للصَّلاة يحتاج إلى مجموعة مواصفات، ويحتاج إلى مجموعة مؤهَّلات إذا غابت، أو غاب بعضها كان هذا التَّصدِّي فاشلًا وسيِّئًا.
ما هي أهم المؤهَّلات المطلوبة في إمام الجماعة، أو الجمعة؟
أوَّلًا: المؤهَّل الرُّوحيَّ (الرَّبَّانيَّة والرَّوحانيَّة)
ماذا تعني الرَّبَّانيَّة الرُّوحانيَّة؟
يجب أنْ يمتلك إمام الجماعة رَوحانيَّة أو رُوحانيَّة، فإذا كانت الكلمة من الرُّوح فرُوحانيَّة، وإذا كانت الكلمة من الرَّوح فرَوحانيَّة.
ما معنى أنْ يمتلك الإنسان المتصدِّي للإمامة – إمامة الجماعة، أو الجمعة – أنْ يمتلك روحانيَّة؟
المقصود امتلاك درجة عالية من الإخلاص لله تعالى.
هذه هي الروحانيَّة، كلَّما ارتقت درجة الإخلاص لله تعالى كلَّما ارتقت الروحانيَّة، وكلَّما انخفض مستوى الإخلاص تنخفض الروحانيَّة.
أنْ يكون الإنسان عالم دين، أو إمام جماعة، فهذا موقع له منزلقات خطيرة.
لماذا نحتاج إلى درجة عالية من الإخلاص في إمام الجماعة، وفي العالم، وفي المتصدِّي؟
هذا الموقع – موقع العالِميَّة، وموقع الإمامة، إمامة الجماعة، والجمعة، والخطيب – هذا موقع فيه منزلقات خطيرة جدًّا، ومدمِّرة: فيه شُهرة، فيه حبُّ جَاهٍ، وحُبُّ المدح والثَّناء، والرِّياء، والتَّكبُّر، فهذه عناوين خطيرة ينزلق فيها أصحاب هذا الموقع.
فمطلوب من إمام الجماعة، ومن إمام الجمعة، ومن الخطيب، ومن العالِم، ومن المتصدِّي لتوجيه النَّاس، وبناء النَّاس، وتربية النَّاس، مطلوب أنْ يراقب نيَّته باستمرار، فحينما يتحدَّث، وحينما يتكلَّم، وحينما يفعل، وحينما يقول، وحينما يتحرَّك أنْ يراقب نيَّته باستمرار؛ ليتوفَّر على الإخلاص.
• في الحديث عن الإمام الصَّادق (عليه السَّلام): «مَنْ تعلَّم لله، وعمل لله، وعلَّم لله دُعِي في ملكوت السَّماوات عظيمًا.
فقيل: تعلَّم لله، وعمل لله، وعلَّم لله» (ميزان الحكمة 3/2078، محمَّد الريشهري).
• في الحديث عن النَّبيِّ (صلَّى الله عليه وآله): «مَنْ تعلَّم العلم رياءً وسمعةً يريد به الدُّنيا نزع الله بركته، وضيَّق عليه معيشته، ووكله إلى نفسه، ومَنْ وكله الله إلى نفسه فقد هلك» (ميزان الحكمة 3/2079، محمَّد الريشهري).
هذا ما نسمِّيه بالمؤهَّل الروحيِّ، وهو تصفية النِّيَّة، وتصفية الباطن، وتصفية الدَّاخل.
ثانيًا – المؤهَّل الثَّاني من مؤهَّلات إمام الجماعة -: المؤهَّل الأخلاقيُّ
المؤهِّل، أو المؤهَّل الأخلاقيُّ، الأخلاق نموذج من السُّلوك النَّظيف.
إذا صنع المؤهَّل الرُّوحيُّ الباطنَ، فالمؤهَّل الأخلاقيُّ يصنع نمط السُّلوك، ونمط التَّهذيب، والتَّعاطي مع الآخر، والصِّدق، والأمانة، والنَّظافة، والطُهر.
• قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «مَنْ نصب نفسه للنَّاسِ إمامًا، فعليه أنْ يبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره، وليكن تأديبه بسلوكه قبل تأديبه بلسانه، ومعلَّم نفسه ومؤدِّبها أحقُّ بالإجلال من معلم النَّاس ومؤدِّبهم» (ميزان الحكمة 3/2092، محمَّد الريشهري).
إذا قلتُ للنَّاس: كونوا صادقين، فمطلوب مني أنْ أكون صادقًا قبل أنْ أقول للنَّاس بلساني: كونوا صادقين.
إذا قلت للنَّاس: لا تغتابوا أيُّها النَّاس، فأنا مطلوب ألَّا أمارس الغِيبة.
فإذا كنتُ أريد أنْ أؤدِّب النَّاس بلساني فمن الأولى والأفضل والأكمل والأهم والأعظم أنْ أربِّي النَّاس بسلوكي.
• «…، ومعلِّم نفسه ومؤدِّبُها أحقُّ بالإجلال من مُعلِّم النَّاسِ ومؤدِّبهم».
فيجب أنْ يكون إمام الجماعة نموذجًا للمُثل، والقِيم، والفضائل؛ لتنجذب إليه القلوب.
وليربي النَّاس من خلال طِباعه.
أمَّا إذا كان نموذجًا سيِّئًا فيما يحمل من خصال أفسدت أخلاق النَّاس.
فبقدر ما ترتقي أخلاق المتصدِّي لتربية النَّاس، ولتوجيه النَّاس، ولِصُنع النَّاس بقدر ما يرتقي مستوى الأخلاق عند هذا الإنسان، فسيستطيع أنْ يصنع النَّاس، ويستطيع أنْ يربِّي النَّاس، ويستطيع أنْ يهذِّب النَّاس، وإلَّا فالعكس، فإنَّه سيفسد ويدمر القِيم.
هذا المؤهل الثَّاني.